الأزمة والهمة
د.بن يمينة كريم محمد
[Karimmedb@yahoo.fr]
]karim.benyamina@univ-saida.dz [
يتواصل إصدار مجلة تطوير، ويستمر صدور مقالاتها في أجواء من الأزمة والوضع الاستثنائي، نحو تكيف تام وكامل مع الجائحة [Covid-19] وظروف التعايش الفيروسي، وفي أطياف من الألم والأمل .. بسبب فقد الأصدقاء وموت الأحباب من مختلف المشارب والتخصصات .. وكذا الحلم بغد أفضل ووعد جميل .. حتى تعود الأمور إلى نصابها ونستعيد الحياة بكل أشكالها وتنوعاتها، فحين يحتك اليومي بالرقمي، والقيمي بالتقني يتخذ الحال من المآل نافذة ليطل على إمكان الوجد واحتمال الإيجاد.. مما يتطلب تنشيط التفكير وتكثيف المثاقفة .. على أن تتم المباحثة في الأزمة ومعها قبل أن تكون ضدها أو بعدها.
وفي هذه الأثناء نشهد استمرار التعليم عن بعد والتدريس الحضوري باحترام بروتوكول الوقاية والاحتراس والفطنة بالحكمة، إذ لم يعد الإنسان فاتحة لكل فعل بل أصبح استراتيجية تستدعي التخطيط والتصميم .. مما يدعو إلى شحذ وحشد الهمة لمقارعة الحال ومقاومة الأزمة، واستحواذ التفكير الرقمي على التدبير الطبيعي .. في حين نجد من يرفض التطور أو لا يبتغي ولوج هذا العالم الجديد تحت مسميات الاعتياد والولف والألفة، وهناك من يناله الطيف أو التطفل دون وعي تام بالمصير، معتقدا أن مجرد التواصل الالكتروني هو في حد ذاته تمثلا للراهن الجديد .. وهو بذلك لا يفرق بين مداخلة في مصنة الواقع ولا بين مناقشة عبر تطبيقات التواصل والافتراض .. فالأمر أبعد بذلك بكثير .. مثله كالذي يخط بطبشورة على سبورة الكترونية متطورة .. أو كالذي يحسب الظهور على تطبيق الزوم تظاهرا ضد الرتابة والحال البائس.
يتطلب التفكير الرقمي دراية وافية بتقنيات التخاطب ومتطلبات الصحة الخاصة والحياة العامة .. فلا يعقل أن نتواصل ذات لقاء في الشاشات بغية ترشيد الرعاية وعقلنة العناية .. ثم نسارع إلى المعيش الرتيب لنمارس طيش الالتصاق واللهث وراء متطلبات الرزق وفق عبثية الحاجة وقهر الرغبة .. فالتباعد المقصود هو وعي دقيق بخطورة الوباء والالتزام بأخلاقيات الحجر وأدبيات العزل .. وقد نستغرب الحرص في حضور التسيب أو المهابة في استئناس المهانة... الإنسان الجديد هو الذي يملك مصيره بنفسه ويُقْبل على الأزمة بهمة ولمة .. دون مساس بفطرة الحياة .. ولا قانون الحضور.. بل هي إجراءات وقائية ومنعطفات إتيقية حفاظا على قدسية الوجود وملاطفة بقية الموجودات .. فالأزمة بحاجة إلى إنسان مرن وكائن متزن .. ومع تطور التكنولوجيا واتساع استخداماتها اتضح الفرق بين الناس.. وأصبح لكل مشكلة مسكنة لتجاوز الآفة والانتقال من رقعة الضيق إلى شساعة الآفاق.. وحتى لو استعاد الإنسان وضعه.. إلا أنه لن يكل عن استخدام هذه الوسائل الالكترونية والإمكانات الرقمية.. إنها تجربة جديدة تضاف إلى حياتنا .. من لم يحظ بالتعلم الرقمي فأمره بائس إذا لم نقل بغنوصية بأن حاله تائه وسلوكه سائل، وهنا يمكن التفريق ببين الإنساني العاثر وبين المستأنس البارع .. فشتان بين من يدعي أنه [...] وبين من يستطيع أن [...] .. هذه المقاربة الجيووجودية التي حركها التفكير الجائحي المتغطرس.
يتشظى خطاب الهويات مع ملفوظات الفضاء العمومي في أفق الاتصال الأنطولوجي .. نحو التفكير في أخلقة السلوك وعقلنة التربية .. هي دعوة لاستحضار البُعدي مع البَعدي في مساءلة الإنسان العادي الذي اختفى تحت طائل الخوف والرجاء والانتظار.. وغامر بالشتات والرتابة لأنه لا يحوز المعرفة الرقمية لمجابهة الجائحة أو أنه حلق بالضروري من الحضوري لدفع الغبن واستعادة المكان.. مسكين أنت أيها الإنسان العادي الذي اكتفى بالمغامرة تحت اقناعية الكمامة لمقارعة الفيروس ومؤانسة القطيع.. عليك أن تحترس من الوباء .. ومن الغباء.. ومن كل شيء يدمر وجودك .. وعليك أن تجد معابر إلى عالم مغاير .. حتى يكون لك فيه الحظ والحذو ..
يقترب صدور العدد العاشر من مجلة تطوير من نهاية سنة غير عادية وغير عادلة .. ولا تزال المجلة في تطور مستمر وتحول دائم ... بقدر ما يفرحنا أن يغتنم الباحث ظروف الجائحة ليقبل بكل نهم على القراءة وبكل همة على التعلم والكتابة، والمشاركة .. إنها فرص نادرة ومفيدة للاستفادة والاستضافة .. فأمام الدرس الكوفيدي يكون الانعتاق فيه للإنسان الرقمي بامتياز .. دون مساس بطبيعة الحياة وقدسية الوجود.. فحين يصبح الارتقاء فنا للعيش فإن الهمة هي سر البقاء.
لمعاينة وتحميل العدد كاملا:
الموقع على المنصة [ASJP]:
[https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/143]
رابط مجلة تطوير على الموقع الرسمي لجامعة سعيدة للتحميل والقراءة:
[https://www.univ-saida.dz/ssh/?page_id=6374]